الإنسان في عالم الآلات والأدوات
وسط التسارع الكبير للتكنولوجيا، وقدرتها على إعادة تشكيل وعي الإنسان، لفت انتباهي ما ورد في إحدى إصدارات المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية التابع للعتبة العباسية المقدسة، وهو كتاب بعنوان “الدين والتقنية”، وفيه مقالة للكاتب علي رضا قائمي نيا بعنوان “الدين وفلسفة الحياة الرقمية”، جاء فيها:
“إن عالم التقنية ـ من وجهة نظر مارتن هايدغر – عالم انحسر فيه الاهتمام بالغايات (الأهداف النهائية لتاريخ البشر) بشكل كامل، وأعطى مكانه لصالح اهتمام كبير وحصري بالآلات والأدوات. إن العالم الجديد هو عالم الأدوات والاهتمام بالمعدات والأدوات، دون الأهداف والغايات. إن ذات الأدوات تكتسب محورية في هذا العالم وتغيب الأهداف على نحو تامّ…”
هذا المقطع كفيلٌ بأن نتفكّر ملياً في مستقبل العقل الجمعي للبشر، واستشراف حجم القرارات التي من الممكن أن تُتخذ ومدى انعكاسها على حياة الفرد، إننا لا نتحدث عن أحداث تذكرها روايات الخيال العلمي، وإنما هو الواقع الذي نعيشه اليوم وما يحويه من تعقيد كبير في إطلاق المشاعر أو كبحها ومدى تأثير “الآلات والأدوات” عليها، إن التكنولوجيا العلمية الحديثة أو كما عبّر عنها الفيلسوف الألماني مارتن هايدغر “الآلات والأدوات” غيرت وستغير الكثير، وعلينا التفكير بجدية أكثر في توظيف ذلك لصالح المجتمع الديني، وألّا نبقى متلقين فحسب، بل ننتقل إلى مرحلة الاكتفاء بما لدينا وتطويره وصولاً إلى التصدير.
إن العالم المتسارع الذي نعيشه يُخشى على أبنائنا وشبابنا منه أكثر من ذي قبل.
آمل أن نرى في المستقبل القريب توظيفاً عملياً للتكنولوجيا الحديثة أكثر مما نحن عليه الآن، خدمة للدين وأهله بحرمة محمد وآله الطيبين الطاهرين.
خالص الشكر والتقدير لسماحة السيد الدكتور هاشم الميلاني، رئيس المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، على هذا الكتاب الماتع وبقية إصدارات المركز النافعة، مع خالص الدعاء لهم بدوام التوفيق والسداد.
كاظم الخرسان
النجف الأشرف
- سيعجبك أيضاً

