بسم الله الرحمن الرحيم
لم يكن النجاح منحصراً بمحاولات لحظية أو قفزات ارتجالية، تأتي بها حماسة مفرطة نتيجة قراءة صفحة من كتاب أو سماع جزء من لقاء، وإنما هو نتيجة لتراكم خطوات مدروسة بدقة، تضبط البوصلة للوصول إلى الهدف.
النجاح في هذه الحياة بل وحتى في الآخرة لا يُصنع بإطاعة الهوى أو الرغبة والشهوة. وإنما بضبط إيقاع الحياة على أهداف صغيرة تُوصلُ إلى أهداف كبيرة.
ولا يتحقق ذلك إلا بخطة استراتيجية عمادها الصبر والمداومة على الفعل، بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [آل عمران: 200].
وفي وصيّة الإمام أمير المؤمنين لولده الإمام الحسن المجتبى عليهما السلام، هناك مقطعٌ يُعلّمنا الانضباط النفسي والبقاء على الخط حتى تحقيق الغاية، وذلك حينما يقول عليه السلام: «وأَلْزِمْ نَفْسَكَ الصَّبْرَ عَلَى مَا تَكْرَهُ»، ولا يعني ذلك الإفراط إلى حد إلحاق الأذى بالنفس أو إذلالها، وإنما بتطبيق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله: «أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» أي اعمل بذكاء، واستمر بجهد موزون.
إن معادلة التقدّم نحو النجاح تنشأ من هدفين صغيرين: (التزام يومي بالمهام + تحسين بنسبة 1%) هذان الهدفان الصغيران هما أسّ النجاح وأساسه، والالتزام بهما موصلٌ إلى الهدف بمشيئة الله سبحانه وتعالى.
وكما قيل: «غير الموهوب المنضبط يتغلب على الموهوب غير المنضبط». وكما يقول جيمس كلير في كتابه العادات الذرية : «التهديد الأكبر للنجاح ليس الفشل، وإنما الملل». وهو عين ما قاله الإمام محمد الباقر عليه السلام: إيَّاكَ وَالكَسَلَ وَالضَّجَرَ، فَإنَّهُمَا مِفْتَاحُ كُلِّ شَرِّ، مَنْ كَسَلَ لَمْ يُؤَدِّ حَقّاً، وَمَنْ ضَجَرَ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى حَقٍّ.
فالعمل المستمر القائم على الصبر والاستقامة مع قلب متعلق بالتوكل على الله سبحانه وتعالى، والتغلب على الكسل والملل، منظومة متكاملة تقول: واصل لتصل.

15 + 14 =