زيارة الأربعين والتوثيق العفوي!
في موسم النور الحسيني، حين تُفتح دروب كربلاء، تهبّ القلوب نحوها قبل الأقدام، لتتحول الأرض إلى موجٍ من الأقدام الشائقة، تقودها العيون الساهرة.
فكما أن الزائر يسير بجسده إلى الإمام الحسين عليه السلام، فإن عدسته تسير برسالته إلى العالم أجمع. فما أكثر الصور والفيديوهات التي خلّدت مواقف لا تُنسى من الكرم والكرامة والسِلم والسَلامة، إلا أن بعض هذه التوثيقات، قد تلتقط – وللأسف – عثرة عابرة أو سلوكاً فردياً أو موقفاً يبدو طريفاً في لحظته، هذه اللقطات، حينما تنفصل عن سياقها العام وتُقدّم للعالم خالية من الروح، قد تتحوّل إلى مادة للتندّر وتُستخدم – دون علم أصحابها – في حملات تشويهٍ متعمّدة، تسوّقها على أنها وجهٌ لزيارة الأربعين.
زيارة الأربعين ليست كرنفالاً للمشي، ولا مهرجاناً فلكلورياً، وإنما هي أعظم وأكبر مشهد إنساني تعبّدي في العصر الحديث. وهذا العالم الذي يُحيط بنا بكل تحضّره يفتقد إلى أبسط مقوّمات الحضارة الموجودة في زيارة الأربعين.
يا زائري الحسين عليه السلام، إنكم لا تمثلون أنفسكم في هذه الزيارة وغيرها، وإنما تمثلون أمّة سائرة وقضية عظيمة وموكباً خالداً. كونوا صروحاً إعلامية تستخدم الإعلام بوعيٍ لتصنع الرأي العام للعالم، ولا تجعلوا لقطاتكم أداة بيد من يريد تشويه الزيارة والسخرية من الزائرين وتحريف المسيرة عن روحها وقداستها.
كن عدسةً تنقل الحقيقة، ولا تكن خنجراً في قلب الزيارة. واعلم أنّ الكاميرا رسالة فاختر رسالتك بعناية. وتذكّر دائماً أن العدسة التي معك تنقل صورة المشهد، ولا تنقل نيّته؛ فالنوايا أنقى من العدسة؛ وانتبه! لا تكن ممن أضحك الناس ساعة وأبكى الزهراء عليها السلام دهراً.
زيارة الأربعين مدرسة للأجيال، فاختر ما تريد أن يراه الجيل القادم.
كاظم الخرسان
- سيعجبك أيضاً
