مشهد المقدسة … لا يليق بكِ الظلام

كانت أول زيارة لي الى مشهد المقدسة في شهر رجب الأصب سنة 1424 للهجرة اي قبل 17 سنة وتكررت زياراتي الى هذه المدينة التي خطفت قلبي بسيدها الإمام الرؤوف الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام، حتى صرتُ متيماً بها وأعدُّ الأيام للذهاب اليها وفي بعض الأحيان كنت أخطف الوقت خطفا وأقطف الفرص قطفا لأحظى بيوم واحد فقط وأحياناً تطول بي الإقامة بها الى شهر كامل.

لستُ وحيداً في حبي لمشهد المقدسة فهناك عشرات الملايين يقصدونها ويقفون بخضوع وخشوع أمام الإمام، تتكلم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم في مشهدِ عشقٍ قد لا تراه في شخوص الكثيرين.

أرجل سعت بكل وقار لتقف قِبال النور، وأياد بيضاء تقربت ببطء لتلامس شباك الحقيقة، وألسنة أنطقها فوز اللقاء في يومٍ {تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

إن شعور الحُب لمشهد المقدسة قد لا يُوصف بسهولة ويُسر رغم براءته ولكنه أشبه بشعور الواله الذي اضناه الهجر وابكاه الفراق وفجأة وجد محبوبه أمام عينيه، فترى العاشق في حالة من الصدمة والمفاجأة ترافقانه عند وقوفه امام قبة الامام الرضا عليه السلام.

وفي هذه الأيام تمرّ محنة على جميع العالم وهي محنة فايروس كورونا والذي انعكس في بعض ملامحه على المشاهد المشرفة في العالم ومنها مدينة مشهد المقدسة فأصبحت الشوارع شبه فارغه الا من القليل وأمسى الصحن الشريف خالياً إلا من الثلة التي آلت على نفسها الوصول اليه في اصعب الظروف في مشهد لم تعرفه العتبات المقدسة منذ سنين.

سألت أحد القاصدين للإمام الرضا عليه السلام – قبل إغلاق الحرم وقبل التحذيرات الطبية – عن سبب زيارته لأستنطقه وأخرج ما عنده من عشق فقال ما معنا:

ان المُضِيفَ ـ من يستقبل الضيوف ـ ليحزن اذا انقطع الضيوف عن مَضِيفه، فأتيت لرفع الوحشة عن الإمام الرضا عليه السلام

إنه الحب، إنه العشق، إنه الإيمان.

اللهم ادفع السوء والبلاء عن جميع العالم وبالخصوص شيعة امير المؤمنين عليه السلام.

كاظم الخرسان

9 + 14 =